تابع مشروع المعرفة على تليجرام
مال و استثمار

صندوق النقد الدولي يحذر من فقاعة الذكاء الاصطناعي وأثرها على الأسواق المالية

مع اقتراب الاجتماعات السنوية لصناع السياسة النقدية ووزراء المالية في واشنطن، تتزايد المخاوف حول ما يُعرف بـ”فقاعة الذكاء الاصطناعي”، وهو الموضوع الذي شغف اهتمام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على حد سواء. وأشارت كريستالينا غورغييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، إلى أن تقييمات الأسهم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وصلت إلى مستويات مشابهة لما شهدته سوق الإنترنت في ذروة فقاعة الإنترنت قبل 25 عامًا. وحذرت من أن أي تصحيح حاد في الأسواق قد يؤدي إلى تباطؤ النمو العالمي وكشف نقاط ضعف اقتصادية، خصوصًا في الدول النامية.

ما هي فقاعة الذكاء الاصطناعي؟

فقاعة الذكاء الاصطناعي هي حالة اقتصادية تتميز بارتفاع سريع ومبالغ فيه في أسعار الأصول المرتبطة بالتقنيات الحديثة، دون أن تعكس هذه الأسعار القيمة الحقيقية للشركات أو قدرتها على تحقيق أرباح مستدامة. غالبًا ما يقود هذه الفقاعة حماس استثماري مفرط مدفوع بخوف المستثمرين من تفويت الفرص (FOMO)، يلي ذلك انهيار مفاجئ يعرف بـ”فرقعة الفقاعة”.

الاقتصادي الأمريكي هايمان مينسكي وضع خمس مراحل تمر بها الفقاعة الاقتصادية:

  1. الإزاحة (Displacement): ظهور تكنولوجيا ثورية جديدة، مثل الذكاء الاصطناعي.
  2. الازدهار (Boom): تدفق الاستثمارات الضخمة على الشركات الناشئة.
  3. النشوة (Euphoria): تزايد المضاربات والتوقعات غير الواقعية للأرباح.
  4. جني الأرباح (Profit-taking): خروج المستثمرين المحترفين من السوق.
  5. الذعر (Panic): انهيار الأسعار وهروب جماعي من السوق.

مؤشرات على تضخم السوق

السوق الحالي يظهر علامات واضحة تشبه فقاعة الإنترنت في أواخر التسعينيات:

  • تمويل ضخم لشركات ناشئة: شركات مثل OpenAI وصلت تقييماتها إلى أكثر من 500 مليار دولار، بينما تعتمد بشكل كبير على دعم مايكروسوفت، وبعض المنتجات لم تثبت جدواها التجارية بعد.
  • حماس غير مدعوم بالنتائج: كثير من الاستثمارات تأتي قبل أن يتضح الأثر الاقتصادي الفعلي للذكاء الاصطناعي.
  • تشابكات مالية بين الشركات الكبرى: استثمارات متبادلة بين مايكروسوفت، OpenAI، وأمازون تجعل من الصعب تقييم الطلب الفعلي على المنتجات بشكل مستقل.
  • اعتماد على رؤوس أموال ضخمة: تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي يتطلب استثمارات هائلة في مراكز البيانات والطاقة، مع غياب نماذج ربحية واضحة.

تحذيرات البنوك المركزية

البنوك المركزية العالمية تتابع عن كثب هذه المخاطر:

  • بنك إنجلترا حذر من “تصحيح حاد في الأسواق”.
  • البنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياطي الأسترالي أشاروا إلى نقاط ضعف مماثلة.
  • رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وصف الأسواق بأنها “تقييماتها مرتفعة بدرجة كبيرة”.

هذه التحذيرات تشير إلى القلق المتزايد بشأن الاستقرار المالي العالمي، خصوصًا مع استمرار تصاعد التوترات التجارية وزيادة الدين العام في العديد من الدول.

السيناريوهات المحتملة

الخبراء الاقتصاديون منقسمون حول المستقبل:

  • تصحيح جزئي: قد يؤدي إلى خسائر كبيرة لشركات ناشئة، لكنه يولد شركات عملاقة جديدة، كما حصل مع أمازون وجوجل بعد انهيار فقاعة الإنترنت.
  • انهيار كامل: إذا لم يتمكن السوق من امتصاص الصدمات، قد يؤدي إلى خسائر واسعة النطاق، خصوصًا بين المستثمرين الذين يركضون وراء الأرباح المتوقعة دون تقييم دقيق.

مقارنة مع فقاعة الإنترنت

تشابه الفقاعة الحالية مع فقاعة الإنترنت في:

  • ضخ أموال هائلة في شركات لم تثبت ربحيتها بعد.
  • الاستثمار في البنية التحتية قبل التأكد من الطلب الفعلي.
  • التركيز على نمو المستخدمين والتفاعل بدلًا من الأرباح.

مع ذلك، هناك اختلاف جوهري، وهو أن الذكاء الاصطناعي مدعوم بشركات تقنية عملاقة تمتلك موارد مالية هائلة، ما يمنحه قوة استدامة أكبر مقارنة بفقاعة الإنترنت.

الخلاصة

ربما نكون أمام فقاعة الذكاء الاصطناعي، لكنها ليست مجرد “موضة” عابرة. التكنولوجيا هنا تحدث تحولاً اقتصاديًا حقيقيًا، ومع ذلك، الحماسة الزائدة والتقييمات غير المدعومة بإيرادات فعلية تنذر بتصحيح مؤلم محتمل. المستثمرون الذين يركزون على التحليل الدقيق والرهانات طويلة الأمد قد يجدون فرصًا مشابهة لمن استثمر في أمازون وجوجل بعد فقاعة الإنترنت، بينما من يركض وراء الضجيج قد يخسرون أموالهم بسهولة. مراقبة البنك الدولي وبياناته أصبحت ضرورية لفهم التحديات الاقتصادية المستقبلية واستراتيجيات الاستثمار في عصر الذكاء الاصطناعي.

تابع مشروع المعرفة على تليجرام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *